مواعظ العلماء

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل

avatar
عذبوك يا قلبي
ملك منتدى الدردشة عربي
ملك منتدى الدردشة عربي
عدد المساهمات : 500
تاريخ التسجيل : 07/09/2010
العمر : 40
https://drdcha.ahlamontada.com

مُساهمةعذبوك يا قلبي الأحد ديسمبر 01, 2013 1:08 pm


من مواعظ الحسن البصري رضي الله عنه كتب الحسن إلى عمر بن عبد العزيز: "إعلم أنّ التفكر يدعو إلى الخير والعمل به، والندم على الشر يدعو إلى تركه، وليس ما يفنى وإن كان كثيرا يعدل ما يبقى وإن كان طلبه عزيزا، فاحذر هذه الدار الصارعة الخادعة الخاتلة التي قد تزينت بخدعها وغرت بغرورها وقتلت أهلها بأملها وتشوفت لخطابها فأصبحت كالعروس المجلوة، العيون إليها ناظرة، والنفوس لها عاشقة، والقلوب إليها والهة ولألبابها دامغة وهي لأزواجها كلهم قاتلة، فلا الباقي بالماضي مُعتبر، ولا الآخر بما رأى من الأول مُزدجر، ولا اللبيب بكثرة التجارب منتفع.
 
فاحذرها الحذر كله فإنها مثل الحية لين ملمسها وسمها يقتل، فاعرض عما يعجبك فيها لقلة ما يصحبك منها، وضع عنك همومها لما عانيت من فجائعها، وأيقنت به من فراقها، وشدد ما اشتد منها الرخاء ما يصيبك، وكن ما تكون فيها احذر ما تكون لها فإن صاحبها كلما اطمأن فيها إلى سرور له، أشخصته عنها بمكروه، وكلما ظفر بشيء منها وثنى رجلا عليه انقلبت به، فالسار فيها غار، والنافع فيها غدا خار، وصل الرخاء فيها بالبلاء، وجعل البقاء فيها إلى فناء، سرورها مشوب بالحزن، وءاخر الحياة فيها الضعف والوهن، فانظر اليها نظر الزاهد المفارق ولا تنظر نظر العاشق الوامق، واعلم أنها تزيل الثاوي الساكن وتفجع الغرور الآمن، لا يرجع ما تولى منها فأدبر ولا يدري ما هو ءات فيها ينتظر".
 
وقال رضي الله عنه: "إن الدنيا دار عمل من صحبها بالنقص لها والزهادة فيها سعد بها نفعته صحبتها، ومن صحبها على الرغبة فيها والمحبة لها شقي بها وأسلمته إلى ما لا صبر له عليه ولا طاقة له به من عذاب الله، فأمرها صغير ومتاعها قليل، والفناء عليها مكتوب، والله تعالى ولي ميراثها، وأهلها محولون عنها إلى منازل ومنها يخرجون، فاحذروا ذلك الموطن وأكثروا ذلك المنفلت، واقطع يا ابن ءادم من الدنيا أكثر همك، ولا تميل إلى الدنيا فترديك منازل سوء مفضية بأهلها إلى ندامة طويلة وعذاب شديد، فلا تكونن يا ابن ءادم مغترا، ولا تأمن ما لم يأتك الأمن منه فإن الهول الأعظم ومفظعات الأمور أمامك لم تخلص منها حتى الآن، ولا بد من ذلك المسلك وحضور تلك الأمور إما يعافيك من شرها وينجيك من أهوالها، وإما الهلكة وهي منازل مخوفة محذورة مفزعة للقلوب، فلذلك فاعدد ومن شرها فاهرب، ولا يلهينك المتاع القليل الفاني، ولا تربص بنفسك فهي سريعة الانتقام من عمرك فبادر أجلك، ولا تقل غدا غدا فإنك لا تدري متى إلى الله تصير فان الحجة لله بالغة، والعذر بارز، وكل مواف الله عمله، ثم يكون القضاء من الله في عباده على أحد أمرين: فمقضي له رحمته وثوابه فيا لها نعمة وكرامة، ومقضي سخطه وعقوبته فيا لها من حسرة وندامة، ولكن حق على من جاءه البيان من الله بأن هذا أمره هو واقع أن يصغر في عينيه ما هو عند الله صغير، وأن يعظم في نفسه ما هو عند الله عظيم".
---------------
 
من مواعظ شميط بن عجلان رضي الله عنه يقول رضي الله عنه: "إن الله عز وجل جعل قوة المؤمن في قلبه ولم يجعلها في أعضائه، ألا ترون أنّ الشيخ يكون ضعيفا يصوم الهواجر ويقوم الليل والشاب يعجز عن ذلك.
 
اذا أصبحت ءامنا في سربك معافى في بدنك عندك قوت يومك فعلى الدنيا العفاء وعلى من يحزن عليها، إنّ المؤمن يقول لنفسه إنّما هي ثلاثة أيّام: فقد مضى أمس بما فيه، وغدا أمل لعلك لا تدركه، إنّما هو يومك هذا فإن كنت من أهل غد فسيجىء غد برزق غد، إن دون غد يوما وليلة تخترم فيه أنفس كثير فلعلك المخترم فيه، كفى كلّ يوم همّه.
 
ثمّ حملت على قلبك الضعيف همّ السنين والدهور والأزمنة وهم الغلاء والرخص، وهم الشتاء قبل أن يجىء، وهم الصيف قبل أن يجىء فماذا أبقيت من قلبك الضعيف للآخرة، ما تطلب الجنة بهذا، متى تهرب من النار، كل يوم ينقص من أجلك ثمّ لا تحزن، أعطيت ما يكفيك وأنت تطلب ما يطغيك، لا بقليل تقنع ولا من كثير تشبع، كيف لا يتبيّن للعالم جهله وقد عجز عن شكر ما هو فيه وهو معتن في طلب الدنيا فيقرأ القرءان ويطلب العلم حتى إذا علمه أخذ الدنيا فضمّها إلى صدره وحملها على رأسه فنظر إليه ثلاثة ضعفاء: امرأة ضعيفة وأعرابي جاهل وأعجمي فقالوا: هذا أعلم بالله منّا لم ير في الدنيا ذخيرة ما فعل هذا، فرغبوا في الدنيا وجمعوها، فالعجب من مصدق بدار الحيوان كيف يسعى لدار الغرور".
-----------------------
 
من مواعظ سلمة بن دينار رضي الله عنه
يقول رضي الله عنه: "انظر أي رجل تكون إذا وقفت بين يدي الله عز وجل فسألك عن نعمه كيف رعيتها وعن حججه عليك كيف قضيتها، ولا تحسبن الله راضيا منك بالتغرير ولا قابلا منك بالتقصير، هيهات ليس كذلك، فانظر إلى نفسك فإنه لا ينظر لها غيرك، وحاسبها حساب رجل مسئول، وانظر كيف شكرك لمن غذاك بنعمه صغيرا وكبيرا، ما لك لا تنتبه من نفسك وتستقيل من عثرتك، إنك لست في دار مقام، وقد أوذنت بالرحيل، ما بقاء المرء بعد أقرانه، طوبى لمن كان مع الدنيا على وجل، يا بؤس من يموت وتبقى ذنوبه من بعده، إنك لم تؤمر بالنظر لوارثك على نفسك، ليس أحد أهلا أن تردفه على ظهرك، ذهبت اللذة وبقيت التبعة، إحذر فقد أوتيت، وتخلص فقد أدهيت إنك تعامل من لا يجهل، والذي يحفظ عليك لا يغفل، تجهز فقد دنا منك سفر، وداو دينك فقد دخله سقم شديد، أما ترى ما أنت فيه من الجهل والغرة، وما الناس فيه من البلاء والفتنة".
----------------------
 
من مواعظ سيدي أحمد الرفاعي الكبير رضي الله عنه يقول رضي الله عنه: "إياك والتقرب إلى أهل الدنيا، فان التقرب منهم يُقسّي القلب، واتخذِ الفقراء أصحابا وأحبابا، وعظّمهم وكن مشغولا بخدمتهم، وإذا جاءك واحد منهم فانتصب له على قدمبك واسأله الدعاء الصالح، وجاهد نفسك لكي تكون منهم وكن شبيها بهم، من تشبّه بقوم فهو منهم ومن أحب قوما حشر معهم، ولو عرف الناس ربهم حق المعرفة كما عرفه الفقراء لانقطعوا عن معاش الدنيا وأحوالها بالكُلّية، ومن علامة الفقير أنه إذا أعطى عطاءا أعطاه لوجه الله ومرضاته لا شىء ءاخر غير ذلك".
 
وقال رضي الله عنه: "شرط الفقير أنه لا يعلق نظره بملبوسات الخلق وغيرها، فإنه إن علقه بذلك التبس عليه الأمر، وكلما اختلط الفقير بالخلق ظهرت عيوبه، أي أخي لا تنظر إلى عيوب الخلق فان نظرت أظهر الله فيك جميع العيوب، وإن كان فيك عيب لا تنحرف عن الطريق المستقيم، ولا تراع هوى النفس وشهواتها بل راع التقوى وأنواع الطاعة وملازمة السنة والجماعة، وإذا جلست بالخلوة فاحذر الوسواس، وصفّ خواطرك من الكدورات والرعونات البشرية، وإذا صدر من أخيك عيب فاصفح عنه الصفح الجميل واستر الستر الجليل، وعامل عباد الله بالصلاح والنصح والتقوى، وعظم أهل الخشوع والمراقبة، ومن كان لك عليه حق أو له عليك حق، فداره كي يعطيك حقك أو أن تعطيه حقه، بل إذا كان لك حق عند أحد فسامحه يُعطيك الله ويعوّض عليك، وكن مع الخلق بالأدب، وعليك ترك الدنيا ومخالفة النفس، والحذر من الهوى والهوس فإنّهما أكبر أعدائك، واعلم أن التوفيق في جميع الأحوال إنّما هو من الله سبحانه وتعالى".
 
ويقول أيضا: "ومما ينبغي أن يجعل المرء نفسه قائلا بالنصائح والمواعظ، ويكون متلبسا بأفعال المعروف ممتثلا للأوامر والنواهي، واقفا مع الحق وطريق الشرع، حتى اذا أمر بالمعروف ونهى عن المنكر قُبل منه وامتثل له، وكان لأمره تأثير في نفس المأمور ولنهيه وإلا فلا يُقبل منه ذلك ولا يُسمع ما يقول وكان من العظيم عليه قوله تعالى: {يأيها الذين ءامنوا لم تقولون ما لا تفعلون(2) كبُر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون(3)} [سورة الصف] ولهذا كانت قلوب الصالحين مهبط الأنوار، وان لم يكن القلب منورا بنور العبادة والطاعة وأفعال الخيرات كان مهبط الشيطان ويلقي صاحبه في ظلم الباطل ويجره إلى الشقاوة، فنعوذ بالله من ذلك".
 
وكان يقول رضي الله عنه ناصحا وواعظا أحد مريديه: "عليك بملازمة الشرع بأمر الظاهر والباطن، وبحفظ القلوب من نسيان ذكر الله، وبخدمة الفقراء والغرباء، وبادر دائما بالسرعة للعمل الصالح من غير كسل ولا ملل، وقم في مرضاة الله تعالى، وقف في مرضاة الله تعالى، وقف في باب الله تعالى، وعوّد نفسك القيام في الليل، وسلمها من الرياء في العمل، وابك في خلواتك وجلواتك على ذنوبك الماضية، واعلم أنّ الدنيا خيال وما فيها زوال، همة أبناء الدنيا دنياهم، وهمة أبناء الآخرة ءاخرتهم.
 
واشغل ذهنك عن الوسواس، واحذر نفسك من مصاحبة صديق السوء فان عاقبة مصاحبته النّدامة والتأسف يوم القيامة كما قال الله تعالى مخبرا عمن هذا حاله: {ليتني لم أتّخذ فلانا خليلا(28)} [سورة الفرقان]. فبئس القرين، فاحفظ نفسك من القرين السوء.
 
يا ولدي إن ما أكلته تفنيه، وما لبسته تبليه، وما عملته تُلاقيه، والتوجه إلى الله حتما مقضيا، وفراق الأحبة وعدا مأتيا، والدنيا أولها ضعف وفتور، وءاخرها موت وقبور، لو بقي ساكنها ما خربت مساكنها، فاربط قلبك بالله (أي بطاعته ومحبته)، وأعرض عن غير الله، وسلم في جميع أحوالك لله، واجعل سلوكك في طريق الفقراء بالتواضع، واستقم بالخدمة على قدم الشريعة، واحفظ نيّتك من دنس الوسواس، وأمسك قلبك من الميل إلى الناس، وكل خبزا يابسا وماء مالحا من باب الله، وتمسك بسبب لمعيشتك بطريق الشرع من كسب حلال، وايّاك من كسر خواطر الفقراء، وصل الأرحام، وأكرم الأقارب، واعف عمّن ظلمك، وأكثر زيارة القبور، وليّن كلامك للخلق، وكلّمهم على قدر عقولهم، وحسّن خُلقك، وأعرض عن الجاهلين، وقم بقضاء حوائج اليتامى وأكرمهم، وبادر بخدمة الأرامل، وارحم تُرحم، وكن مع الله تر الله معك، واجعل الإخلاص رفيقك في سائر الأقوال والأفعال، واجتهد بهداية الخلق لطريق الحق، ولا ترغب للكرامات وخوارق العادات فإنّ الأولياء يستترون من الكرامات كما تستتر المرأة من دم الحيض، ولازم باب الله، ووجه قلبك لرسول الله، وقم بنصيحة الإخوان، وألف بين قلوبهم، وأصلح بين الناس، واجمع الناس مهما استطعت على الله بطريقتك، وعمّر قلبك بالذكر، وجمّل قالبك بالفكر، واستعن بالله، واصبر على مصائب الله، وكن راضيا عن الله، وقل على كل حال الحمد لله، وأكثر من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن تحرّكت نفسك بالشهوة أو بالكبر فصُم تطوعا لله واعتصم بحبل الله، واجلس في بيتك ولا تكثر الخروج للأسواق ومواضع الفُرج فمن ترك الفُرج نال الفَرج، وأكرم ضيفك، وارحم أهلك وولدك وزوجتك وخادمك، واعمل للآخرة، وقل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون.
 
هذه نصيحتي لك ولكل من سلك طريقي ولاخواني ولجميع المسلمين والمحبين كثرهم الله، وأستغفر الله العظيم من جميع الذنوب خفيها وجليها وكبيرها وصغيرها".
 
وقال أيضا: "ترك الوسواس يكون في ترك الحرام، وحسن الإخلاص يكون من خوف الله، والتجرد عن الناس يكون من ذكر الموت والأدب على أحسن قياس يكون من الندم على الماضي من الذنوب، والفكر نور العقل، والذكر نور القلب، والاخلاص نور السر، والتقوى نور الوجه".
 
ثم قال: "الوصول باب، والعناية مفتاح، والسخاوة سلُم، والإخلاص قوة، فإذا أخلصت صعدت إلى السلم، وإذا صرت سخيا وصلت إلى المفتاح وفتحت الباب باذن الفتّاح، بُنيَ الطريق على الصدق والإخلاص وحسن الخلق والكرم، والغنى بالعلم، والزينة بالحلم، والكرامة بالتقوى، والعزة بمخالفة النفس، أكثر من الدعاء المشهور، ومل عن الطريق المشهور، وتذلل للفقير المستور، وعُدّ نفسك من أهل القبور".
 
"قف في باب الاستقامة، واسكن في باب المداومة، والزم الصبر على العمل، ومن طرق الباب بالخضوع، فتح له بالقبول".
 
"الذكر حفظ القلب من الوسواس وترك الميل إلى الناس، والتخلي عن كل قياس".
 
"القلب جوهرة مظلمة مغمورة بتراب الغفلة، جلاؤها الفكر، ونورها الذكر، وصندوقها الصبر".
 
"الصدق سلم العناية، والتقوى بيت الهداية، والتسليم عين الرعاية، والإخلاص حسن الوقاية، والانكسار لله هو الولاية".
 
"لسان الورع يدعو إلى ترك الآفات، ولسان التعبد يدعو إلى دوام الاجتهاد".
 
"الحكمة خوف الله، والرباط التوكل على الله، والتدبير التفويض إلى الله، والتسليم العمل بسر {قل كلّ من عند الله(78)}" [سورة النساء].
 
"إنّ الصلاة عليه (أي على النبي صلى الله عليه وسلم) تسهل المرور على الصراط، وتجعل الدعاء مستجابا، وإن قدرتم أعطوا الصدقة فإنها تبرد النار وتزيل غضب الله، والإحسان للوالدين وبرهم يهوّن سكرات الموت".
 
"يا ولدي التصوف الإعراض عن غير الله، وعدم شغل الفكر بذات الله، والتوكل على الله، وإلقاء زمام الحال في باب التفويض، وحسن الظن به في جميع الحالات".
 
"يا ولدي إذا سمعت نقلا حسنا وتعلمت علما فاعمل به، ولا تكن من الذين يعلمون ولا يعملون، ولا تضيع أوقاتك باللهو والطرب وسماع الآلات وكلمات المضحكين، واترك الفرح فإن الفرح في الدنيا جنون، والحزن فيها عقل وكمال، والخلود فيها محال، والانكباب عليها فعل الجهال، واجعل فكرك مشغولا بمن سلف قبلك من الجبابرة والسلاطين ماتوا وكأنهم ما كانوا، هم السابقون ونحن اللاحقون، فسر على منهج الصالحين لتحشر في زمرتهم ولتكون من فرقتهم".
 
"إخواني إن غركم لباس الحكام والأعيان وزينتهم وضاقت صدوركم بهذا فاذهبوا إلى المقابر وانظروا ءاباءكم وءاباءهم تجدوا الكل في التراب والله أعلم بمن هو في النعيم وبمن هو في العذاب فأنتم كذلك مع هؤلاء تتساوون {وسيعلم الذين ظلموا أيّ مُنقلَب ينقلبون(227)} [سورة الشعراء]".
 
"يا ولدي إياك من الاشتغال بما لا يعنيك من الكلام والأعمال وغيرها، وارجع بنفسك عن طريق الغفلة، وادخل من باب اليقظة، وقف بميدان الذل والانكسار، واخرج من مقام العظمة والاستكبار فإنك مضغة ابتداؤك، وجيفة انتهاؤك، فقف بين الابتداء والانتهاء بما يليق لمقامها".
 
"وإياك من الحسد فإن الحسد أم الخطايا، والكذب والحسد والكره سبب لطرد العبد من باب الرب، فلا تعوّد نفسك على هذه الخصال قطعا، واقطع نفسك إلى الله، واعلم بأن الرزق مقسوم، فإذا تحققت من ذلك ما تكبرت، واعلم بأنك محاسَب، فإذا تحققت من ذلك ما كذبت، واغضض طرفك عن النظر إلى أعراض الناس فضلا عن العمل الردىء فإنك كما تدين تُدان، وكما أنّ لك عينا فلغيرك عيون، وكما يولى عليك، وأمسك لسانك عن مذمة الخلق فان للخلق ألسنا، نظرك فيك يكفيك، وكما تقول بالناس قد يقولون فيك، وحاسب نفسك في كل يوم، واستغفر الله كثيرا، وكن طبيب نفسك ومرشدها، ولا تغفل عن حساب نفسك، وإياك من الاشتغال بحظ النفس، وإياك والظهور فالظهور يقصم الظهور".
----------------------
 
من مواعظ أبي سليمان الداراني رضي الله عنه يقول رضي الله عنه: "الثياب ثلاثة: ثوب لله، وثوب لنفسك، وثوب للناس وهو شر الثلاثة".
 
وقال أيضا: "أنجى الأسباب من الشر الاعتزال في البلد الذي يعرف فيه والتخلص إلى خمول الذكر أين كنت، وطول الصمت، وقلة المخالطة، والاعتصام بالرب، والعض على فلق الكسر، وما دنؤ من اللباس ما لم يكن مشهورا، والتمسك بعنان الصبر، والانتظار للفرج، وترقّب الموت، والاستعداد لحسن النظر مع شدة الخوف، ومن دواعي الموت ذم الدنيا في العلانية واعتناقها في السر، من لم يحسن رعاية نفسه أسرع به هواه إلى الهلكة، من لم ينظر لنفسه لم ينظر لها غيره، لا ينفع الهالك نجاة المعصوم ولا يضر الناجي تلف الهالك، يجمع الناس موقف واحد جميعا وهم فرادى، كل شخص منهم مشغول بنفسه فهو بصالح عمله مسرور ومن شرّ عمله مستوحش محزون، ومرارة التقوى اليوم حلاوة في ذلك اليوم، والأعمى من عمي بعد البصر، والهالك من هلك في ءاخر سفره وقد قارب المنزل، والخاسر من أبدى للناس صالح عمله وبارز بالقبيح من هو أقرب اليه من حبل الوريد".
 
وقال: "طوبى لمن حذر سكرات الهوى، وسورة الغضب والفرح بشىء من الدنيا فصبر على مرارة التقوى، وطوبى لمن لزم الجادة بالانكماش والحذر، وتخلص من الدنيا بالثواب والهرب كهربه من السبع الكلب، طوبى لمن استحكم أموره بالاقتصاد، واعتقد للخير معاد، وجعل الدنيا مزرعة، وتأنف في البذر ليفرح بالحصاد، طوبى لمن انتقل بقلبه من دار الغرور ولم يسع لها سعيها فيبرز من خطوات الدنيا وأهلها على وبال، اضطربت عليه الأحوال، من ترك الدنيا للآخرة ربحهما ومن ترك الآخرة للدنيا خسرهما، وكل أم يتبعها بنوها، بنو الدنيا تسلّمهم إلى خزي شديد، ومقامع من حديد، وشراب الصديد، وبنوا الآخرة تسلمّهم إلى عيش رغيد، ونعيم الأبد، في ظل ممدود، وماء مسكوب، وأنهار تجري بغير أخدود، وكيف يكون حكيما مَن مِن هولها يهوى ركون، وكيف يكون راهبا من يذكر ما أسفلت يداه ولا يذوب، الفكر في الدنيا حجاب عن الآخرة، والفكرة في الآخرة تورث الحكمة وتحيي القلب، ومن نظر إلى الدنيا مولية صح عنده غرورها، ومن نظر إليها مقبلة بزينتها شاب في قلبه حبّها، ومن تمّت معرفته اجتمع همّه في أمر الله وكان أمر الله شغله".
-------------------------
 
من مواعظ إبراهيم بن أدهم رضي الله عنه يقول رضي الله عنه: "ليس من أعلام الحب أن تحب ما يبغض حبيبك، ذم مولانا الدنيا فمدحناها، وأبغضها فأحببناها، وزهّدنا فيها فآثرناها ورغبنا في طلبها، وعدكم خراب الدنيا فحصنتموها، ونُهيتم عن طلبها فطلبتموها، وأنذرتم الكنوز فكنزتموها دعتكم إلى هذه الغرارة دواعيها، فأجبتم مسرعين مناديها، خدعتكم بغرورها وفتنتكم فأنفذتم خاضعين لأمنيتها، تتمرغون في زهواتها وتتمتعون في لذاتها، وتتقلبون في شهواتها وتتلوثون بتبعاتها، تنبشون بمخالب الحرص عن خزائنها، وتحفرون بمعاول الطمع في معادنها، وتبنون بالغفلة في أماكنها، وتحصّنون بالجهل في مساكنها، وأنتم غرقى في بحار الدنيا، حيارى تتمتعون في لذاتها وتتنافسون في غمراتها، فمن جمعها ما تشبعون، ومن التنافس منها ما تملّون، كذبتكم والله أنفسكم وغرّتكم ومنّتكم الأماني، وعللتكم بالتواني حتى لا تعطوا اليقين من قلوبكم والصدق من نياتكم، وتتنصتون إليه من مساوىء ذنوبكم وتعصونه في بقية أعمالكم أما سمعتم الله تعالى يقول في محكم كتابه: {أم نجعلُ الذين ءامنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعلُ المتقين كالفجّار(28)} [سورة ص].
 
لا تنال جنته إلا بطاعته ولا تنال ولايته إلا بمحبته ولا تنال مرضاته إلا بترك معصيته فإن الله تعالى قد أعدّ المغفرة للأوابين وأعد الرحمة للتوابين وأعدّ الجنة للخائفين وأعدّ الحور للمطيعين وأعدّ رؤيته للمشتاقين قال الله تعال: {وانّى لغفار لمن تاب وءامن وعمل صالحا ثمّ اهتدى(82)} [سورة طه].
 
"خالفتم الله فيما أنذر وحذر، وعصيتموه فيما نهى وأمر، وإنّما تحصدون ما تزرعون، وتجنون ما تغرسون، وتُكافأون بما تفعلون، وتُجزَون بما تعملون، فاعلموا إن كنتم تعقلون، وانتبهوا من رقدتكم لعلكم تفلحون، الحذر الحذر!! الجد الجد!! كونوا على حياء من الله، فوالله لقد ستر وأمهل وجاد فأحسن".

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

للمشاركة انت بحاجه الى تسجيل الدخول او التسجيل

يجب ان تعرف نفسك بتسجيل الدخول او بالاشتراك معنا للمشاركة

التسجيل

انضم الينا لن يستغرق منك الا ثوانى معدودة!


أنشئ حساب جديد

تسجيل الدخول

ليس لديك عضويه ؟ بضع ثوانى فقط لتسجيل حساب


تسجيل الدخول

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى